في يوم التأسيس، نستذكر لحظة فارقة في تاريخ وطننا، حيث لم يكن الأمر مجرد إعلان دولة، بل رؤية قيادية استثنائية استطاعت أن ترسي دعائم حضارة مستدامة. القيادة ليست مجرد قرارات تُتخذ أو استراتيجيات تُنفذ، بل هي امتداد لجذور راسخة تتغذى من القيم، وتستمد قوتها من الإرادة والطموح. فما الذي يمكن أن نتعلمه اليوم من قادة الأمس؟ وكيف يمكن أن نستلهم من يوم التأسيس مبادئ تبني المستقبل؟
عند العودة إلى بدايات التأسيس، نجد أن القيادة لم تكن مجرد سلطة، بل كانت رؤية ثاقبة وقدرة على استشراف المستقبل. كان القائد يُلهم، يوجه، ويخلق بيئة تمكن الجميع من النمو والتقدم. واليوم، في عالم يتغير بسرعة، لا تزال هذه المبادئ هي جوهر أي قيادة ناجحة. لذا من القيم التي نستوحيها من قيادة التأسيس هي:
1- الاستدامة وبُعد النظر: القيادة ليست حلولًا وقتية، بل بناءٌ ممتد عبر الأجيال. التأسيس لم يكن حدثًا عابرًا، بل خارطة طريق لمستقبل قائم على الأسس الصحيحة.
2- الشجاعة في اتخاذ القرار: القادة الحقيقيون هم من يملكون الجرأة لاتخاذ القرارات الحاسمة، تمامًا كما فعل القادة الأوائل حين وضعوا اللبنات الأولى لوطن قوي ومستقر.
3- العمل الجماعي: لا تنجح أي قيادة بمعزل عن شعبها، فقد كان التكاتف وروح الفريق أساس النجاح في الماضي، وهو ما يجب أن نواصل تعزيزه اليوم.
4- التطوير المستمر: التأسيس لم يكن نهاية الرحلة، بل بدايتها. القادة اليوم بحاجة إلى تطوير مهاراتهم، ومواكبة المتغيرات لضمان الاستمرار والازدهار.
فمن المهم اليوم أن القيادة الحديثة تستلهم من الماضي، لكنها تتطلع للمستقبل. القائد الناجح هو من يستطيع الجمع بين الأصالة والتجديد، من يستخدم الحكمة التقليدية لكنه يطبقها بأساليب عصرية.
اليوم، يحتاج القادة إلى مهارات مثل الذكاء العاطفي، التفكير الاستراتيجي، والقدرة على تحفيز فرق العمل لتحقيق الأهداف الكبرى.
يوم التأسيس ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة للتأمل في كيفية الاستمرار في مسيرة البناء. كيف يمكننا أن نُنشئ قادة يواصلون الإرث العظيم؟ كيف نطور مهارات القيادة في الأجيال القادمة؟ هذه الأسئلة يجب أن تكون في صميم استراتيجياتنا المستقبلية.
و في الختام،كما قاد أجدادنا هذه الأمة بحكمة وعزيمة، فإن مسؤوليتنا اليوم أن نحمل هذا المشعل ونواصل المسيرة.
Dr. Salwa Al-Halafi
